الرقمنة تقود مسيرة قطر نحو المستقبل

635e57ec8d1d7_Web_Banner.jpg
المواضيع: مقالة

تسارعت وتيرة التحوّل الرقمي (تطبيق تقنيات وحلول التحوّل الرقمي)  في جميع دول العالم بصفتها إحدى ركائز الثورة الصناعية الرابعة، الأمر الذي أسهم في تحسين أداء الشركات وتقليص الوقت اللازم للتشغيل وأداء الأعمال. ومع تواجد حلول وأدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع جوانب الحياة اليومية، شرعت المؤسسات والشركات بدمج وتطبيق حلول التحوّل الرقمي في المجالات والقطاعات التشغيلية. هذا ومن المتوقع أن يصل حجم سوق التحوّل الرقمي العالمي، الذي بلغ 737 مليار دولار في العام 2020، إلى ما يزيد على 3.5 تريليون دولار بحلول العام 2028، أي بمعدل نمو سنوي مُركب يصل إلى 22.1٪.

وساهم سعي الشركات العالمية للتعافي من تأثيرات الجائحة في هذا التحوّل، حيث أصبح تعزيز القدرات الرقمية وتطويرها الوسيلة الأمضى للانتقال من مجرد التكيّف مع الجائحة إلى تحقيق النجاح.

تطوير نظام رقمي وتكنولوجي متكامل

هذا وقد أشارت مؤسسة البيانات الدولية، في أحدث تقرير أعدته، إلى أنه من المتوقع أن تصل قيمة الإنفاق العالمي على التحوّل الرقمي إلى 1.8 تريليون دولار في العام 2022، أي بزيادة قدرها 17.6٪ عن العام 2021. ويتوقع التقرير أن يستمر نمو هذا الإنفاق خلال الفترة من 2021 إلى 2025، مع "معدل نمو سنوي لمدة خمس سنوات يبلغ 16.6٪". ويوضح التقرير أنه في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، من المتوقع أن تتضاعف الاستثمارات التي سيتم ضخها في قطاع التحوّل الرقمي خلال الفترة من 2020 إلى 2025، مع توقعات أن تصل قيمة الإنفاق على هذا القطاع إلى 58 مليار دولار في العام 2025.

وفي إطار السعي العالمي نحو صياغة استراتيجية اقتصادية قائمة على التكنولوجيا الرقمية، تشهد دول مجلس التعاون الخليجي نقلة نوعية نحو التحوّل الرقمي الشامل على مستوى المنطقة. ووفقًا لوكالة أوليفر وايمان للاستشارات العالمية، أنه سيتم بحلول عام 2025 تخصيص ما يزيد على 40٪ من مجمل استثمارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة لتنفيذ حلول التحول الرقمي.

واستنادًا إلى الفرص والتحديات التي تطرحها الثورة الصناعية الرابعة، يظل التحوّل الرقمي والرقمنة في صلب ركائز رؤية قطر الوطنية 2030. ومن المتوقع أن يصل إنفاق قطر على تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى ما يُقدر بنحو 9 مليارات دولار بحلول العام 2024، أي بمعدل نمو سنوي مُركب يبلغ 9.2٪، وذلك وفقًا لشركة جلوبال داتا لتحليل البيانات. ويأتي ذلك بالتزامن مع برنامج حكومي أطلقته قطر، مؤخرًا، بقيمة 200 مليار دولار للاستثمارات في قطاع التكنولوجيا، فضلاً عن جهودها الدؤوبة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمواهب والكفاءات الدولية.

 

وبفضل حسن استغلال وتطبيق حلول وأدوات تكنولوجيا المعلومات مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، تبذل قطر جهودًا حثيثة من أجل إنشاء بيئة مؤاتية ومتوافقة مع النظام الرقمي وتطبيقاته. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالشراكة مع شركة مايكروسوفت، مؤخرًا، "مركز التميز الرقمي" وذلك في إطار برنامج مشترك لبناء القدرات الرقمية وتحسينها لتمكين مختلف فئات المجتمع بحلول عام 2025، وتعزيز القدرة التنافسية للدولة، وبناء مستقبل متقدم تكنولوجيًا ورقميًا. وفي الوقت نفسه، قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال التعاون الوثيق مع هيئة المناطق الحرة قطر وجوجل كلاود في عام 2021 بتأسيس شركة تدريب جديدة لمركز التميز ومكتب جوجل في قطر. ويأتي ذلك في أعقاب تصريحات سابقة عن إنشاء منطقة جوجل كلاود في قطر، التي تسهم في تعزيز جهود النمو المستمر للنظام التكنولوجي الرقمي. ووفقًا لما صرحت به كل من جوجل وشركة ألفابيت، تُعد دولة قطر واحدة ضمن 10 دول تتمتع بإمكانات وقدرات هائلة لجوجل كلاود في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

نحو مستقبل ذكي مشرق

تواصل قطر عقد الشراكات مع الجهات المعنية الرئيسية لتعزيز ونشر حلول التحول الرقمي والرقمنة في جميع القطاعات والمجالات، بدءًا من إنشاء المدن الذكية، وإيجاد الحلول المبتكرة، إلى تطوير البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وقد عقدت مؤخرًا كل من أوريدو قطر وسيمنز ومايكروسوفت، شراكة لدفع عجلة تطوير الحلول الرقمية وإنشاء المدن الذكية في جميع أنحاء دولة قطر، وذلك عبر تطوير الحلول الرقمية وإنترنت الأشياء وتحليلات البرمجيات.

وعلى صعيد قطاع الاتصالات، تُعد قطر موطنًا لأول شبكة من شبكات الجيل الخامس الموجودة في العالم، والتي أسهمت في توفير البنية التحتية التكنولوجية والرقمية للشركات من أجل تسريع وتيرة التحوّل الرقمي في عملياتها.

من خلال البناء على استضافتها لبطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا 2022، قامت قطر بتحديث بنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية. ومما لا شك فيه، فإن هذه الفعالية الرياضية الكبرى ستُسلط الضوء على قطر كدولة متقدمة تكنولوجيًا تتمتع بميزات تنافسية في قطاعات التكنولوجيا الناشئة.

وتأكيدًا على الدور الأساسي للاستثمارات الأجنبية المباشرة في تحفيز الرقمنة، شرعت وكالة ترويج الاستثمار في قطر في عقد وإبرام شراكات عديدة من أجل تسريع وتيرة التحوّل الرقمي وتعزيز جهود الابتكار التكنولوجي في الدولة. ومن هذا المنطلق، تتعاون وكالة ترويج الاستثمار في قطر مع مجموعة إيبيردرولا الإسبانية لإنشاء مركز ابتكار متميز وذي مستوى عالمي لتعزيز البنية التحية الرقمية في قطر. بالإضافة إلى ذلك، وقّعت وكالة ترويج الاستثمار في قطر، على هامش منتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبرغ الذي عُقد مؤخرًا في الدوحة، مذكرة تفاهم مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأمازون ويب سيرفيسز، الشركة العالمية الرائدة في مجال الحوسبة السحابية. وتهدف هذه الاتفاقية إلى دعم جهود التطور السريع لقطاع التكنولوجيا في قطر والحفاظ على المواهب المرتبطة به من خلال أكاديمية أمازون ويب سيرفيسز، التي تقدّم برامج الحوسبة السحابية وصقل المهارات في مجال تعلّم الآلة والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.

بالإضافة إلى ذلك، فقد تم الإعلان عن شراكة أخرى تركز على تطوير قطاع التكنولوجيا الرقمية في وقت سابق من هذا العام بين وكالة ترويج الاستثمار في قطر ومختبرات فلاير، لإنشاء أول مركز للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي، بهدف تطوير قطاع النقل والمواصلات.

تمضي دولة قطر قدمًا بفضل الجهود الحثيثة التي تبذلها على المسار الصحيح نحو التحوّل الرقمي وتطوير قطاع المعلومات والاتصالات، بما يُسهم دون أي شك في توفير المزيد من الفرص، وتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.


تشارك هذه المقالة