قطر تتصدر مشهد تحديث التكنولوجيا الزراعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

6416bebf6ff82_Web-banner2_.jpg
المواضيع: مقالة

تمثل قضية الأمن الغذائي عنصرًا مهمًا ضمن المساعي العالمية لزيادة الإنتاجية وتقليل المخلفات وتبني ممارسات الإنتاج المستدام. فقد أدت العواقب الناتجة عن ظاهرة تغيّر المناخ والمعوقات التي تواجه سلاسل التوريد والتغيرات التي تطرأ على استخدام الأراضي والانتاج الزراعي إلى تعزيز الحاجة إلى تقنيات وحلول مبتكرة.

اكتسبت التكنولوجيا الزراعية زخمًا هائلاً نتيجة لتسريع استخدامها من خلال الاستثمارات الخاصة والتطوير التكنولوجي في إطار الثورة الصناعية الرابعة (الصناعة 4.0). ومن المتوقع أن يصل حجم سوق التكنولوجيا الزراعية إلى 54.2 مليار دولار في 2030، حيث ارتفع إلى هذه القيمة بعد أن سجل 11.1 مليار دولار في 2021. وتواصل البلدان التي يتزايد عدد سكانها بسرعة مثل الصين والهند وإندونيسيا واليابان والفلبين وفيتنام الاستثمار بكثافة في قطاع التكنولوجيا الزراعية، وتعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ لتزويد قطاعات الإنتاج الزراعي والغذائي بالمعدات وتلبية الحاجة إلى زيادة المحاصيل الزراعية. وتشير الأرقام إلى أن الاستثمار العالمي في قطاع التكنولوجيا الزراعية زاد بنسبة 46٪ تقريبًا في 2020 وبنسبة 61.4٪ في 2021، ممثلا ذروة في تدفق الاستثمار وقفزة كبيرة من 600 مليون دولار في 2012 إلى 11.3 مليار دولار في 2021.

ومن الدلالات المبشرة في هذا القطاع أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت توقيع 33 صفقة استثمارية في مشاريع ناشئة في التكنولوجيا الزراعية بقيمة 250 مليون دولار في شكل استثمارات معلنة من 2014 إلى 2020.

وتوضح دراسة متخصصة أجرتها مؤخرًا وكالة ترويج الاستثمار في قطر كيف أدى تكثيف الاستثمار في التكنولوجيا والرقمنة إلى تحفيز هذا القطاع في المنطقة.

الممارسات الزراعية القائمة على التكنولوجيا تدعم الاستثمار في قطاع الأغذية الزراعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:

  1. الاتصال من خلال إنترنت الأشياء: من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2025، وأن تصل اتصالات إنترنت الأشياء الخلوية المرخصة إلى أكثر من 70 مليون.
  2. تكنولوجيا كفاءة المياه وإعادة استخدامها: 70٪ من إجمالي الاستخدام العالمي للتكنولوجيا مثل الزراعة المائية والري بالتنقيط ومحطات تحلية المياه المستخدمة في قطاع الزراعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
  3. الزراعة الخاضعة للرقابة البيئية: 70٪ من الخضروات والفواكه الطازجة يمكن زراعتها بطريقة موفرة اقتصاديًا في المنطقة التي تستخدم الزراعة الخاضعة للرقابة.
  4. الزراعة العمودية: من المتوقع أن تشهد نموًا سريعًا من 1.1 مليار دولار، هي حجم السوق الإقليمي في 2021، إلى 5 مليار دولار بحلول 2029.

وتأتي دولة قطر في طليعة الجهود المبذولة في هذا الصدد من خلال استراتيجيتها الوطنية للأمن الغذائي، التي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 70٪ في 2023، بالإضافة إلى الاستثمارات الكبيرة في تكنولوجيا الزراعة ونظم المعلومات الجغرافية، والجيل التالي من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الممارسات الزراعية. وقد حازت الدولة على المركز الأول بين دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر الأمن الغذائي العالمي 2021، وهو تصنيف سنوي للأمن الغذائي يضم 113 دولة يتناول أربع ركائز رئيسية وهي: القدرة على تحمل التكاليف، والتوافر، والجودة والسلامة، والاستدامة والتكيّف.

هناك أكثر من 50 شركة رائدة في مجال التكنولوجيا ومراكز البحوث والتطوير وجدت بالفعل موطئ قدم لها في قطر من خلال الشراكة مع واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا. وفي الواقع، أطلق المختبر التجريبي الهجين التابع لواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا ومختبر (VFarms) أول مزرعة في البلاد بدون مصادر مياه خارجية، عبر مُوَّلِد مياه من البخار الجوي يعمل بالطاقة الشمسية وينتج الماء من الهواء. وقد وقعَّت شركة وادي ووتر للتكنولوجيا الزراعية اتفاقية مع وكالة ترويج الاستثمار في قطر لجلب تقنية "الرطوبة إلى مياه الشرب" إلى البلاد، بينما تعمل (iFarm) الفنلندية مع مزارع أجريكو لبناء مزرعة عمودية تُدار بالذكاء الاصطناعي في الدوحة.

وبينما يسعى المستثمرون إلى الاستفادة من إمكانات النمو الهائلة في قطاع التكنولوجيا الزراعية في منطقة الشرق الأوسط، والذي يُتوقع أن تصل قيمته إلى 170 مليار دولار بحلول 2025، فإن التزام قطر بالإدارة البيئية، جنبًا إلى جنب مع موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية التكنولوجية ذات المستوى العالمي، يجعلها وجهة جاذبة للاستثمار. ومع معدل نمو سنوي يبلغ 15.2٪ في إنتاج الغذاء محليًا، تفوقت قطر على مثيلتها من دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بمعدل النمو السنوي المركب بنسبة 4.3٪ بين عامي 2014 و2019. وسجلت ارتفاعًا مذهلاً بنسبة 400٪ في إنتاج الغذاء المحلي بين عامي 2017 و2019، وحققت اكتفاءًا ذاتيًا بنسبة 100٪ في إنتاج الدواجن و109٪ في إنتاج الألبان في 2019، مقارنة بعام 2017 التي اعتمدت فيه قطر على الواردات من إمداداتها بنسبة 72٪.

ومن المتوقع أن يلعب قطاع التكنولوجيا الزراعية في قطر دورًا مهمًا في تأمين الإمدادات الغذائية وتحفيز عملية التنويع الاقتصادي المستدام مدعومًا باتفاقيات الاستثمار الدولية المكثفة، والدعم المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة، ورأس المال الاستثماري، والوصول المباشر إلى ميناء حمد، أحد أكبر الموانئ الخضراء في العالم.


تشارك هذه المقالة